… هناك الرجل الذي يمضي في كل مكان بمجموعة من عصي قرع الطبول، لاطماً بها الرصيف بإيقاع طائش، عبثي، منحنياً على نحو مرتبك وهو يتقدم في الشارع ويقرع الإسمنت مراراً وتكراراً. وربما كان يحسب أنه يؤدي عملاً مهماً، ولو لم يقم بما هو عاكف عليه فلربما انهارت المدينة، وربما كان القمر سيخرج عن مداره، ويرتطم بالأرض. وهناك من يحادثون أنفسهم، ومن يدمدمون، ومن يصرخون، ومن يلعنون، ومن يتأوّهون ألماً، ومن يسردون على أنفسهم القصص وكأنهم يحكونها لشخص آخر. وهناك الرجل الذي رأيته اليوم جالسا وكأنه كومة من القمامة أمام محطة جراند سنترال، والحشود تنطلق متجاوزة إياه، وهو يقول بصوت عال مليء بالفزع: “فرقة المارينز الثالثة… التهام النحل… النحل يزحف خارجا من فمي”. أو المرأة التي كانت تهتف برفيق خفي: “وماذا إذا لم أكن أريد ذلك! وماذا إذا لم أكن أريد ذلك”!