مدينة من بخار
كانت أزمانًا أسطوريّةً ليس للحكاية فيها حيلةٌ إلّا باستذكار أحداثٍ لم تقع قطّ، ولا تستلهم الحياةُ فيها من الأحلام إلّا إذا كانت أحلامًا عابرةً وزائلة. وكان الشعراء الأغرار في تلك العصور يعلّقون سيوفًا حديديّةً على أحزمتهم، ويمتطون صهوات الجياد بلا وعيٍ أو مصيرٍ حالمين بأبياتٍ تسيل من نصلٍ مسموم. وكانت برشلونة آنذاك مدينةً وحصنًا تغفو في حضن مَدْرَجٍ من الجبال الملغومة بقطّاع الطرق المتوارين عن الأنظار خلف بحرٍ من لون الخمر مُخصبٍ بالضوء والقراصنة. وكان اللصوص والأوباش يُشنَقون على أبوابها لترهيب الطامعين بأملاك غيرهم. وما بين أسوارها المهدّدة بالانفجار، ينصهر تجّارٌ بحكماء ورجال بِلاط ونبلاء من جميع المراتب والمناصب، في خدمة متاهة الدسائس والمال والخيمياء، المتاهة التي طبّقت شهرتُها الآفاقَ وأماني العالم المعروف والمرتجى. قيل إنّها المدينة التي أراق فيها الملوك والقدّيسون دماءهم، وإنّ الكلمات والمعرفة تجد فيها ملاذًا، وإنّ أيَّ مغامرٍ يمتلك دينارًا في اليد وأكذوبةً على الشفاه بوسعه فيها أن يعانقَ المجد، ويضاجعَ الموت ويستيقظَ مُبارَكًا بين أبراج مراقبة وكاتدرائيّاتٍ شتّى ليؤسِّسَ لنفسه لقبًا وثروة بقلم المترجم
كلمات البحث : مدينه – بخار – كارلوس – رويث – ثافون – زافون – الجمل القصصية – الكاملة
Schrijver:
كارلوس زافون
Uitgeverij:
Aantal pagina's:
€ 10,79