إنها حكايةُ الآلاف ممّن قضَوا في ذلك السجن الرهيب، وضاعت حكاياتُهم، كما ضاعت حقوقُهم، وضاعوا عن قلوبٍ ما زالت إلى هذه الساعة تنتظرهم..
هي حكايةُ الآلاف من الناجين، وأنا واحدٌ منهم.. ولعلَّ الكثير منهم لم ينْجُ بعد، وإنْ خرج بجسده من السجن حياً، لتكون زنزانته معه وقد صُلبتْ روحُه فيها، وقد تصوَّحت آمالهم بالانفكاك عنها..
حتى لا يُقتل القتيلُ مرتين، مرةً حين ذبحَتْه مِدْيةُ الجلاد، وأخرى حين نذبحُه بمبضعِ النسيان، حريٌّ بنا أن نشيدَ لكلِّ ضحيةٍ منهم نصبَ تقديرٍ وإجلالٍ في نفوسنا، كي يبقوا أحياء بيننا، تحدّثُنا حكاياتُهم دائماً، أنهم لم يستوفوا حظَّهم من الإنصاف بعد، وأنّ العدالة لم تأخذ مجراها كما نتمنّى، ولا سبيلَ إلى سلامٍ دون ذلك..